مقالات
التكيـَّة المولويـَّة من تراث اللاذقيـَّة الغابر
هلال لالا – صحيفة الوحدة 18 أيلول 2017
أعد الباحث مضر كنعان عضو لجنة الدراسات التاريخية والأثرية في مديرية أوقاف اللاذقيَّة بحثاً مفصلاً حول التكيَّة المولويَّة في اللاذقيَّة،
أوضح خلالها ما شهدته اللاذقيَّة قديماً من وجود العديد من الزوايا والتكايا، منها زاوية علاء الدين ابن البهاء (زاوية الأعجام) وزاوية عمر آغا الدوكير وزاوية الشيخ محمد الحكيم وزاوية الأمير موسى (زاوية الشيخ سالم) وتكية الشيخ صالح الطويل وغيرها، ولعل من أبرزها تكية المولوية.
والتكية لفظ أطلق على الأماكن المعدة للزهاد وأتباع الطرق الصوفية ومن في حكمهم، وكانت تجري فيها الأذكار والأوراد، وتتألف من عدة أقسام وأجنحة خصص بعضها للعبادة والتعليم وبعضها الآخر لإعداد الطعام للفقراء والمسافرين ونومهم.
كما يفصل السيد كنعان حول الطريقة المولوية والية دخولها إلى بلاد الشام:
المولوية طريقة صوفية أنشأها (جلال الدين الرومي) إحياءً لذكرى شيخه (شمس الدين التبريزي).. وهو فارسي الأصل، ولد في مدينة بلخ عام 1207م، واستقر في مدينة قونية وفيها توفي عام 1273م، من آثاره:المثنوي.
وتميزت الطريقة بإحياء حلقات الذكر عبر الأناشيد الدينية وقراءة أشعار المثنوي والرقص على إيقاع آلات الطرب وخاصةً الناي.. وتمثل رقصتهم نظاماً روحياً يرمز إلى التحام الفكر المولوي باللامحدود، وتقود إلى علاقة متحركة بين الإنسان والله.
دخلت المولوية إلى بلاد الشام بعد الحكم العثماني، وكان أهم مركز لها في مدينة حلب.
تقع التكيَّة المولويَّة في اللاذقيَّة في حي القلعة، مكان مصرف التسليف الشعبي في شارع ميسلون.
أما تاريخ البناء فقد ابتدأ بناؤها في عهد السلطان عبد العزيز سنة 1280هـ (1863م) وانتهى البناء في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.. وقد أرّخ بناءها الشيخ الحاج (عبد اللطيف الصوفي) المتوفى عام 1931م إذ جاء في مذكراته المخطوطة:
لقد كتبت هذا التاريخ لأجل باب تكية مولوية اللاذقيَّة حين تم بناؤها وقد كان بداية عمارتها زمن المرحوم السلطان عبد العزيز ثم أتمها السلطان عبد الحميد…
فلأم إبراهيم قطب الزاهدين ذي المولوية بهجة للناظرين
بهدى العزيز تأسست وختامها عبد الحميد فنعم أجر العاملين
حين استتمت بالهدى لذوي التقى أرخ لها جود رياض الصالحين
1280هـ.
وفي الوصف المعماري للتكيَّة المولويَّة في اللاذقيَّة نجد أنها بنيت بجوار ضريح والدة إبراهيم بن أدهم وجاء في وصف بنائها الجميل أنه من حجر يتألف من طابقين، يحتوي الأرضي منهما على 11 غرفة ومطبخ وأربع غرف مؤونة وغرفة ضمنها ضريح والدة السلطان إبراهيم.
ومن أبرز من توالى على مشيخة التكيَّة:
محمد صائب الحموي المولوي المتوفى عام 1908م وابنه محمد راغب الذي بوفاته انتهت الطريقة المولوية في اللاذقيَّة.
وحول هدم التكيَّة يذكر الباحث كنعان إن بلدية اللاذقيَّة قامت بهدم التكيَّة وإزالة الضريح عام 1976م في عمليات توسيع شارع ميسلون وتجميل حي القلعة ودون علم المديرية العامة للآثار والمتاحف أو إذن منها،ورغم المحاولات الحثيثة للباحث جبرائيل سعادة وأحد المستشرقين في إيقاف هدمها، لم تحفل البلدية بكل ذلك، وتم الهدم لتخسر اللاذقيَّة معلماً مهماً من معالمها القديمة.