التراث المادي

خان الدخان – متحف اللاذقية

خان التبغ في اللاذقية

خان الدخان – متحف اللاذقية

يمتاز البناء بضخامته ومتانته، وحسن هندسته، وتناسب عناصره العمرانية وتوزيع أجنحته المختلفة بشكل يتفق مع احتياجات العمل في، زد على ذلك أن عقوده ودعائمه بأناقتها ورونقها تجعل منه أجمل بناء أثري في اللاذقية.

يقع البناء قرب البحر على العقار رقم 3 وتبلغ مساحته 11975 متراً مربعاً.

يحده من الشمال شارع عدنان المالكي، ومن الغرب شارع الأندلس، ومن الجنوب شارع القدس.

أقيمت في الزاوية الجنوبية الغربية للبناء في عهد الانتداب الفرنسي منزل المندوب الفرنسي،و اعتاد اللاذقيون أن يطلقوا على العقار بكامله، ربما يتضمنه من أبنية مختلفة ومن حدائق اسم “المندوبية”.

يبلغ طول البناء الأثري 60 متراً وعرضه 45 متراً أي أن مساحته الإجمالية تبلغ 2700 متراً مربعاً مع العلم أن المساحة المبنية منه لا تتجاوز 2056 متراً مربعاً، إذ تتوسطه مساحة داخلية طولها 28 متراً وعرضها 23 متراً.

قديماً كان يحتوي البناء على طابق علوي وحالياً يضم طابق أرضي فقط، وهو عبارة عن عدد من الأروقة وعن مجموعة من القاعات الفسيحة التي يبدو أنها كانت مستودعات .

معظم الجدران قد أزيلت غير أن المدماك الأو من بعضها لا يزال ظاهراً، لذلك بات من الصعب معرفة إذا كانت الأجنحة يشكل كل منها مستودعاً واحداً أو أكثر.

للبناء مدخلان، الأول ينفتح في الواجهة الشمالية حيث توجد قاعة، ويبدو أن هذا المدخل كان مخصصاً لإدخال البضائع الآتية من المناطق الجبلية والتي كانت تعبر المدينة.

أما المدخل الثاني فنراه في القسم الجنوبي من الواجهة الغربية ومنه تخرج البضائع المهيأة للشحن فتنقل إلى المرفأ.

وعلى يمين المدخل الشمالي وعلي يساره  ثلاث قاعات كانت غالباً مكاتب للموظفين المسؤولين عن استلام البضائع والكشف عنها وعن محاسبة الذين جاؤوا بها.

من المرجح أن هذا البناء الأثري هو “خان الدخان” الذي كان مقراً لشركة التبغ في اللاذقية خلال القرن الثامن عشر ووكان هذا البناء أنشئ لتخزين البضائع.

في مطلع القرن العشرين كانت إدارة حصر التبغ في اللاذقية متمركزة مع مكاتبها ومستودعاتها في البناء الأثري.

وقد كان البناء الأثري مع العقار الذي يقوم عليه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ملك الياس مرقص قنصل روسيا في اللاذقية. وبعد وفاته باع ابنه جرجس العقار مع البناء إلى إبراهيم نصري الذي كان من كبار المزارعين والتجار المعروفين، وكانت إدارة حصر التبغ تستأجر البناء.

في عام 1904 باشر إبراهيم نصري بناء منزل في الزاوية الغربية الجنوبية من البناء القديم ليسكنه مع عائلته وانتهى هذا المنزل في عام 1905.

توفي إبراهيم نصري في عام 1910 وغادرت بعد ذلك أرملته مع ابنها الوحيد ميشيل المنزل بسبب بعده عن المناطق المأهولة من المدينة وعادت إلى منزلها القديم، و بقي المنزل غير مسكون حتى نشوب الحرب العالمية الأولى بينما بقيت إدارة حصر التبغ في القسم الذي تشغله.

عندما بدأت الحرب غادرت أرملة إبراهيم نصري مع ابنها ميشيل اللاذقية،وذهبت إلى قبرص، فاغتنمت السلطات التركية غياب أصحاب الملك، وأستولت عليه ويقال أنه صار مقراً للمتصرف طيلة الحرب وبقيت إدارة حصر التبغ تسير أعمالها في البناء القديم.

في تشرين الثاني 1918 دخلت الجيوش الفرنسية اللاذقية واستولت على الدار المذكورة، وفي عام 1919 عاد أصحاب الملك من قبرص وعندئذ اشترت الحكومة الفرنسية من ميشيل نصري الدار مع قسم من الأرض المجاورة بسعر سبعة آلاف ليرة ذهبية عثمانية.

وبقيت خلال ذلك إدارة حصر التبغ تتبابع أعمالها بجوار دار الحاكم طيلة عشر سنين، وكانت تتضمن إضافة إلى المكاتب والمستودعات مصنعاً لصنع السجائر.

في عام 1928 كان يشتغل فيه ثلاثمائه عامل وعاملة، وكان ينتج عدة أصناف من السجاير أهمها “التطلي سرت” و”الشمشون”.

وفي عام 1930 قامت السلطة الفرنسية في سورية بتصفية موضوع “الدين التجاري العام” وعندها حلت إدارة حصر التبغ وأخلت البناء.

في عام 1932 اشترت الحكومة الفرنسية من آل نصري البناء الذي تشغله إدارة الحصر والبقعة ذات الشكل المثلث الواقعة غربي الشارع بسعر ثلاثة آلاف ليرة ذهبية عثمانية، وألحقت كلها بدار الحاكم.

وعندئذ أزيل من البناء الأثري كل منشآت الطابق العلوي وجدران الطابق الأرض، ولم يبق منه إلا الدعائم والسقوف المعقودة، ثم هدمت المعصرة ودار السكن التي يجوارها، ثم ألغي الشارع، وأزيلت المقبرة، وحولت كل الساحات إلى حديقة كبيرة تحيط بدار الحاكم والبناء القديم من الشمال والغرب.

وصار المبنى مقراً للمندوب الفرنسي وصار يطلق عليه اسم “المندوبية”.

بعد العدوان الفرنسي على اللاذقية في 5 تموز عام 1945 غادر الكولونيل “بونو” وهو آخر مندوب فرنسي في اللاذقية دار المندوبية.

أخلت السلطات الفرنسية البناء، وفي تشرين الأول عام 1978 اشترت بلدية اللاذقية البناء – عقار المندوبية بكامله.

ثم أصدر محافظ اللاذقية منير بريخان  في 11 كانون الأول عام 1978م أمراً إدارياً رقم 634 / 10 / 83 يقضي بتشكيل لجنة مهمتها “دراسة الوضع التاريخي والأثري” للبناء القائم على العقار، وعلى أثر ذلك قدمت اللجنة تقريراً بينت فيه الطابع الأثري للبناء.

في الأول من نيسان عام 1980م، أصدر المحافظ أمراً إدارياً رقم 195 / 10/ 13-2 يقضي بتألف لجنة مهمتها تحضير البناء المذكور “ليكون مقراً لدائرة الآثاء والعاديات” قبل أن يصبح متحفاً.

 

المصدر
من أرشيف  متحف حلب الفوتغرافي

المراجع والهوامش:

(1). سعادة (جبرائيل)، قصة بناء أثري، مجلة التراث العربي، اتحاد الكتاب العرب - دمشق، العدد 3 الصادر في 15 تشرين الأول عام 1980م.

(2). سعادة (جبرائيل)، قصة بناء أثري، مجلة التراث العربي، اتحاد الكتاب العرب - دمشق، العدد 3 الصادر في 15 تشرين الأول عام 1980م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى