مقالات
فندق ديمتري في دمشق
فندق ديمتري في دمشق
يعتبر فندق ديمتري كاره أو ( نزل ديمتري كاره ) من أوائل الفنادق التي أقيمت في مدينة دمشق عام 1850 للميلاد على مستوى الفنادق الرسمية العالمية التي كانت سائدة في ذلك العصر بمنتصف القرن التاسع عشر ، وكان يقدم خدمات سياحية جيدة للنزلاء الأجانب والعرب على حد سواء.
وهو عبارة عن دار صغيرة مبلطة الأرض في وسطها بركة صغيرة، وبها بعض الحجر ، تليها دار أخرى كبيرة متسعة أرضها مرخمة ترخيماً متقناُ وفي وسطها بركة ماء كبيرة يتدفق منها الماء باستمرار، و تظللها أشجار الليمون، و يحيط بها كثير من شوالي الزهور والرياحين ، وحولها القاعات الفسيحة الواسعة مفروشة فرشاً ثميناً شرقياً، وفي بعض قاعاتها برك ماء متدفق ، وفقوق القاعات دور ثان محتو على غرف كثيرة لآجل النوم
وقد بذل جهد الإستطاعة في إتقانه مع المحافظة التامة على النظام الشرقي في كلياته حتى نال شهرة عظيمة ، وقد نزل كثيرون من الملوك والأمراء و الوزراء و أصحاب المقامات من أوربيين و أمريكان و أتراك و غيرهم و كلهم سروا به
كان مدخله يطل على شارع فؤاد الأول وطريق بيروت لسهولة إستخدام وسائط النقل الداخلية، وبه أرض ديار كبيرة واسعة ؛ وبحرة ماء كبيرة، ويتحلق حولها أشحار الليمون والكباد والبرتقال، وقصائص منوعة من الرياحين والزهور الدمشقية وخاصة شجيرات الياسمين البلدي ، ويحيط بأرض الليوان آرائك وكراسي وطاولات للنزلاء ، وبه غرفة للمطالعة مزودة بالصحف اليومية الناطقة بالعربية والإنكليزية والإفرنسية.
انتقل فندق ( ديمتري ) من سوق الخيل الى محلة فيكتوريا ، وصار متاخماً لفندق ( المشرق الكبير ) و كذلك اوتيل فيكتوريا الكبير .
بعد وفاة ديمتري كاره ، تم بيع هذا الفندق الى السيد سليم أفندي بسراوي واستمر بتقديم خدماته على نفس المستوى حتى وفاة صاحبه الثاني، وبعدها تراجعت خدماته بظهور فنادق أخرى مجاورة له أفقدته الأهمية التي كان يتميز بها ، ولكن لم تستطع خطف بريقه الأول على أنه أول فندق راق أقيم بدمشق الشام . وعموما كان نزلاً جميلاً مرتباً ، غاية في النظافة والذوق الرفيع(2).
وذكر الدكتور قتيبة الشهابي أنه لم يكن النازل في فندق ( ديميتري كاراه ) يدفع أكثر من خمسين قرشاً في اليوم ، ولقد نزل فيه العديد من الملوك و الأمراء و الوزراء والشخصيات الهامة الذين زاروا دمشق الشام في تلك الحقبة الزمنية.
نزل فيه المؤرخ عبد الرحمن بك سامي ووجده على طراز شرقي محض ، نظيف و غاية في الترتيب و الذوق.
في الحادي والثلاثين من كانون الأول عام 1869م نزلت في الفندق ايضاً الليدي برتون هي قرينة الكابتن ريتشارد برتون قنصل بريطانيا العظمى في دمشق 1869-1871 ، وتذكر في كتابها أنه كان الوحيد في دمشق، ومن وصفها للفندق يتبين أنّه بيت شامي تقليدي تمّ تحويله إلى نزل لزوار المدينة الأجانب ولم تستسغ الزائرة طعامه ولا خمره ناهيك عن شكواها من الشوارع المحفورة و المتسخة (1).
نزل ديمتري كاره 1900م
(1) عماد الأرمشي، موسوعة دمشق الشام.
(2) هيثم قدح: الليدي إيزابيل برتون في دمشق