You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

حافظ قرقوط: سعد الله الجابري

 

حافظ قرقوط – جيرون

سعد الله عبد القادر لطفي الجابري، سياسي سوري، وأحد رجالات الاستقلال، ولد في مدينة حلب عام 1894، لأسرة ميسورة اهتمت بالشأن العام، والده عبد القادر كان مفتي المدينة العريقة، كما أن بيت العائلة كان ملتقى للشخصيات التي تطرح وتناقش ما يجري بالبلاد. تابع الجابري تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس مدينته، ثم انتقل إلى إسطنبول، وانتسب إلى (الكلية الملكية السلطانية)، وفيها باشر نشاطه السياسي.

ساهم في إسطنبول، مع عدة شخصيات سورية، في تشكيل نواة (جمعية العربية الفتاة)، التي أعلنت أن من أهدافها السعي إلى نيل البلاد الاستقلال عن الدولة العثمانية. أُرسل الجابري من قبل الكلية الملكية إلى ألمانيا، ودرس فيها سنتين، ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914؛ أعيد إلى إسطنبول ليخدم مع الجيش العثماني، وأصبح مراقبًا على القوافل والأرزاق، بصفة (كجك ضابط)، في منطقة (أرض روم) شمال تركيا.

عاد الجابري إلى حلب، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، وعندما احتلت فرنسا سورية؛ دخل معترك نضال جديد، وكان أحد المناهضين الأشداء للاحتلال، ليتم اعتقاله ونقله إلى سجن جزيرة أرواد، مع عدد من الوطنيين السوريين، ثم بعد مدة أطلق سراحهم.

فاز الجابري في انتخابات (المؤتمر السوري العام)، عام 1919، أول (برلمان) لسورية، وقد نادى المؤتمر بوحدة سورية الطبيعية، لكن الفرنسيين ألغوا المجلس؛ الأمر الذي أدى إلى تظاهرات واحتجاجات في المدن السورية، فاعتُقل الجابري من جديد.

شارك الجابري في تلك المرحلة في تأسيس (الكتلة الوطنية)، ووضَع مع الشخصيات السورية الوطنية ميثاقًا لها، حيث تم انتخاب هاشم الأتاسي رئيسًا لها، وانتخب الجابري مع إبراهيم هنانو نائبين له.

أدت معاهدة عام 1933 بين فرنسا وسورية، إلى قيام تظاهرات كبيرة في سورية، دعت إليها (الكتلة الوطنية)؛ فاعتقلت سلطات الاحتلال عدة شخصيات سورية، من بينهم الجابري، الذي حُكم عليه بالسجن مدة 8 أشهر، وعند خروجه كانت البلاد تخوض احتجاجات قوية ضد الفرنسيين، الذين أغلقوا كافة مراكز (الكتلة الوطنية) في المدن السورية ولا سيّما دمشق وحلب، ليتم اعتقاله من جديد، ونفيه إلى جزيرة (ابن عمر)، مقابل بلدة (عين ديوار) الواقعة شمال سورية.

بعد أن أُفرِج عن قادة الحركة الوطنية؛ أصبح الجابري عضوًا في الوفد السوري الذي فاوض الفرنسيين، وكانت المخرجات بلورة وتحقيق معاهدة 1936 بين فرنسا وسورية، وتشكيل أول حكومة سورية برئاسة جميل مردم بيك، ليكُلف الجابري بوزارة الداخلية، ثم الخارجية، في عهد رئيس الجمهورية -حينذاك- هاشم الأتاسي، الذي استقال بعدما عطل الفرنسيون العملَ بالدستور، لينهوا عمل الحكومة.

غادر الجابري مع عدد من الشخصيات الوطنية إلى العراق؛ خشية من بطش الفرنسيين، وبقي هناك مدة من الزمن، وفي عام 1943 انتُخب شكري القوتلي رئيسًا لسورية، وكُلف الجابري برئاسة الحكومة، وبقي فيها حتى نالت البلاد استقلالها عن فرنسا.

ترأس الجابري وفد سورية الذي أعد وثيقة الإسكندرية بين الدول العربية عام 1944، كذلك إعداد إعلان ميثاق تأسيس جامعة الدول العربية، في القاهرة عام 1945، الذي استند إلى وثيقة الإسكندرية، كما ترأس وفد سورية في اللجنة التحضيرية لأول قمة عربية (المؤتمر العربي العام)، في أنشاص بمدينة الإسكندرية بمصر 1946.

أثناء وجوده في اجتماعات الجامعة العربية في الإسكندرية، داهمه المرض، فقدّم استقالته من رئاسة الحكومة السورية، وبقي في مصر للعلاج لمدة بسيطة، ثم عاد إلى مدينته حلب ليقضي فيها آخر أشهر من حياته، حيث وافته المنية في حزيران/ يونيو 1947.

نُقل عن الجابري أنه، حين مرض واضطر إلى دخول المستشفى في الإسكندرية، “خرج مدينًا بما يزيد عن 12 ألف ليرة سورية”، في حين أعاد إلى خزينة الدولة مبلغ “6 آلاف ليرة سورية، زادت عن مصروف الوفد السوري الذي ترأسه إلى الإسكندرية لاجتماع وتأسيس الجامعة العربية”، واعتبره مبلغًا “فائضًا عن حاجة الوفد”، ولم يستخدمه، ومن مآثره أيضًا أنه كان يوقع في نهاية كل شهر على استلامه راتبه، ويطلب من مدير مكتبه توزيعه على المستخدمين الحكومة.

شيّعت حلب أول رئيس حكومة للبلاد، والشخصية الوطنية التي لعبت دورًا بارزًا في بناء الدولة السورية، بموكب رسمي مهيب حضره رئيس الجمهورية شكري القوتلي، والرئيس الأسبق هاشم الأتاسي، وعدد كبير من الشخصيات السورية، وتقديرًا لدور سعد الله الجابري في استقلال البلاد، وُضع نعشه على عربة مدفع، مكللًا بعلم الاستقلال، ليدفن بجوار قبر الزعيم الوطني إبراهيم هنانو، مع إطلاق المدفعية 21 طلقة، بمراسم وداع أخيرة لهذه الشخصية الوطنية.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى