عام
والي دمشق يصدر أمر بترميم دير البنات في صيدنايا
الباحث هاني سكرية- التاريخ السوري المعاصر
والي دمشق وأمير الحج الشريف : محمد باشا العظم (1) يصدر أمر بترميم دير البنات في صيدنايا :
دعونا نلقي نظرة على دمشق ودير البنات في قرية صيدنايا قبل 236 عام ,(الدير المبني بالبناء الرصين من قديم الأعوام على رأس الجبل )
المكان دمشق وريفها (القلمون ) (قرية صيدنايا )
الزمان في 17 – ذي القعدة – 1195 للهجرة
الموافق 3 – تشرين الثاني – 1781 للميلاد
اقدم اليكم اليوم وثيقة في غاية الجمال تتحدث عن دمار دير صيدنايا وتضرر نصارى قرية صيدنايا من ذالك وتقدمهم بشكوى للوالي محمد باشا العظم ليصدر أمره المباشر بموافته على ترميم الدير .
وتتحدث الوثيقة عن حضور جماعة من نصارى الروم والرهبان القاطنين في الدير المعروف بهم ويعرف بدير البنات الكائن في ارض قرية صيدنايا تابع ناحية جبة العسال من نواحي دمشق الشام وتقدمهم بشكوى للوالي عن تهدم اجزاء من الدير وتصدع الغرف داخله وأن ذالك حدث في زلزال الشام (2) ومازال الدير الى الان دون صيانة وأن سكانه من الراهبات يصيبهم الضرر من ذالك .
ونصت الوثيقة على أمر اصدره الوالي العثماني محمد باشا العظم الى معماري دمشق من نصارى ومسلمين بتوجههم فورا للدير والاطلاع وابلاغه فورا بما يتوصلون اليه وذالك برفقة نصارى ومسلمين القرية المذكورة لحصر الأضرار والاطلاع على الدير من الداخل والخارج .
ونص الأمر على عدم التعرض للبنائين والمعماريين ولوازمهم من قبل اي شخص وإعادة بناء الدير على رسمه القديم .
فيما أعطتنا هذه الوثيقة وصفا دقيقا للديرمن الداخل والخارج وحدوده في ذاك الزمان ومن الجميل ايضا وقوف أهالي صيدنايا من مسيحيين ومسلمين جنبا الى جنب مع الراهبات وتاييدهم مطلب الراهبات بصيانة الدير وشهادتهم أمام الوالي بانهم من سكان هذا الدير وأن الدير متهدم ويحتاج لصيانة سريعة وحضور المسلمين من اهالي قرية تلفيتا وتاييدهم مطالب الراهبات ونلاحظ ايضا ردة فعل الوالي محمد باشا وسرعة تجاوبه في ارسال الخبراء من مهندسين (معماريين ) ومعلمين بناء (بنائين ) وعلى رئسهم المعمار السلطاني في دمشق الى الدير للوقوف على حاله واصداره امرا بعدم التعرض لاي احد منهم وتسهيل عملهم في صيانة الدير .
(1) محمد باشا العظم توالى دمشق مرتين الأولى استمرت سنة واحدة وأشهر قليلة من عام 1184 لغاية عام 1186والثانية عشر سنين من عام 1187 حتى عام 1197 هجرية (راجع الوثيقة المرفقة).
(2) وهو زلزال سنة 1172هـ /(1758-1759) م وتحدث عنه البديري الحلاق في كتابه وقال :
ودخل ربيع الثاني الموافق تشرين الثاني ولم ينزل من السماء قطرة ماء. وفي ليلة الثلاثاء ثامن ربيع الثاني من تشرين الثاني من هذه السنة في الثلث الأخير من الليل والمؤذنون في المآذن يشتغلون المراسلة كذا صارت زلزلة خفيفة، وتبعتها ثانية ثم ثالثة زُلزلت منها دمشق زلزالاً شديداً، حسبت أهل دمشق أن القيامة قد قامت، فتهدّمت رؤوس غالب مآذن الشام ودور كثيرة وجوامع وأماكن لا تحصى، حتى قبة النصر التي بأعلى جبل قاسيون زلزلتها وأرمت نصفها، وأما قرى الشام فكان فيها الهدم الكثير، والقتلى التي وجدت تحت الهدم لا تحصى عددا. وفي الليلة الثانية زلزلت أيضاً في الوقت الذي زلزلت فيه الأولى، ثم حصلت في وقت صلاة الصبح وبالنهار أيضاً، ولا زالت تتكرر مرارا لكنها أخف من الأولين. وقد زاد الخوف والبلاء، وهجرت الناس بيوتهم، ونامت في الأزقة والبساتين وفي المقابر والمرجة، وفي صحن الجامع الأموي. وفي هذه الزلزلة وقع خان القنيطرة على كل من كان فيه، فلم يسلم من الدواب والناس إلا القليل، وكذلك خان سعسع. وقد وردت الأخبار إلى دمشق الشام أن بعض البلاد والقرايا انهدمت على أهلها، فلم يسلم منها ولا من دوابها أحد.ثم في ليلة الثلاثاء الساعة العاشرة من الليل خامس ربيع الأول انشقت السماء وسُمع منها صريخ ودمدمة ودويٌّ وهول عظيم، حتى إن بعض أهل الكشف رأى أن السقوف ارتفعت، وظهرت النجوم وعادت السقوف كما كانت. ووردت أخبار أن في بعض البلاد انطبق جبلان على بعض القرى، فذهبت القرى ولم يظهر لها أثر. وفي ليلة الجمعة الثامن عشر من ربيع الأول في محل أذان العشاء خرَّ نجمٌ من السماء من جهة الغرب إلى جهة الشرق، فأضاءت منه الجبال والدور. ثم سقط فسُمع له صوت عظيم أعلى من صوت المدافع والصواعق.وفي الزلزلة الأولى وقعت صخرة عظيمة في نهر القنوات فسدّت النهر، وانقطع الماء عن البلد أحد عشر يوماً، وبقيت قُطّاع الأحجار يقطعون فيها أحد عشر يوماً، فصارت الناس في غمَّين: غمّ الزلزلة وغمّ قلة الماء .
وفي ليلة الاثنين سادس ربيع الثاني في الساعة الخامسة صارت زلزلة عظيمة أعظم من الأولى بدرجات. وقد صارت معها رجّة مهولة أسقطت غالب بقية المآذن، وأرمت قبة الجامع الأموي الكبيرة والرواق الشمالي جميعه مع مدرسة الكلاسة وباب البريد وأبراج القلعة وغالب دور دمشق، والذي سلم من الوقوع تناثر من بعضه البعض وقُتل خلق كثير خصوصاً في القرايا، ورحلت الخلائق للبساتين وللجبال والتُّرب وإلى المرجة، ونصبوا بها وبالبراري الخيام وناموا بعيالهم وأولادهم، ومع ذلك فلم تبطل الزلزلة والرجفان لا ليلا ولا نهارا. ثم أمر عبد الله باشا الشتجي والي الشام وفقه الله تَعالى منادياً ينادي بالناس أن يصوموا ثلاثة أيام وأن يخرجوا في اليوم الرابع إلى جامع المصلّى، فإنه مشهور بإجابة الدعاء فيه. فخرجت الناس من كل فج عميق إلى المصلى، وخرج حضرة الوزير معهم وجميع الأعيان والمفتي والقاضي، وخرجت العلماء وأهل الطرق والصوفية والنساء والأولاد، ولازموا الدعاء في المصلّى ثلاثة أيام بضجيج وبكاء وخشوع كيوم عرفات، بل كموقف القيامة، فرحمهم أرحم الراحمين، وعاملهم باللطف والتخفيف، فصارت الأرض تختلج اختلاجاً خفيفاً، ولم تزل الناس في البساتين والبراري خائفة حتى نزل عليهم الثلج المطر وصار الجليد إلى أن خفّت الزلزلة ورجعت الناس خائفين.
وفي ليلة الاثنين الخامسة والعشرين من جمادى الثانية قُبيل السحر صارت في الشام أيضاً زلزلة خفيفة أخف من الزلازل المتقدمة. ثم شاع الخبر بين الناس أنه سيحدث زلزلة عظيمة، ففزعت الناس فزعاً شديداً، ورجعوا إلى ما كانوا عليه من الخوف والفزع والخروج للبساتين والمقابر، نسأله تعالى اللطف .
وفي نصف شهر رجب جاء ريح عظيم استمر أربعة أيام ولياليها حتى هدم أماكن كثيرة، ولم يبق من الأشجار إلا القليل، وارتجاج من الزلازل لم تبطل لا ليلاً ولا نهاراً، مع وقوع الغلاء حتى في الخضراوات، فرطل الخبز بخمسة مصاري، ورطل الباذنجان بخمسة وعشرين مصرية، ورطل البصل بتسعة مصاري، ورطل اللحم بقرش وربع لم يوجد، ورطل السمن بقرش ونصف وربع. والبقية على نحو ما قدّمنا.
قال المؤرخ البديري : والفقير لم يوجد معه ولا منقير، والهدم واقع من الزلازل في كل وقت وحين، والناس رحلت إلى أرض الفلاحين، والله تعالى هو المعين ,