عام
القضاء والمحاكم في فترة الانتداب الفرنسي
كان النظام القضائي معقداً، إذ استمر النظر في كثير من دعاوى الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق على سبيل المثال أمام محاكم للطوائف الدينية، فيما خضعت بقية القضايا إلى محاكم مدنية، تسترشد بأنظمة من قوانين قائمة إلى حد ما على الشريعة الإسلامية وعلى قوانين أوربية حديثة.
والقضاء في مرحلة الانتداب الفرنسي كان أداة قوية من أدوات التسلط، ولاسيما في القضايا السياسية.
تركت سلطات الانتداب الفرنسية للمحاكم الوطنية في بادئ الأمر أن تنظر في القضايا السياسية، أو في القضايا اتلي تتعلق بمركز فرنسا في البلاد.
بمعنى آخر لم تجد السلطات الفرنسية في مطلع عهدها حاجة لإصدار الكثير من القرارات، لذلك فقد استمر العمل بالنظام القضائي التركي، وفق الأسس التي خلفها العهد العثماني، بعد أن أدخلت عليه التعديلات المترتبة على الانفصال عن استنبول، كما أنه ظل ساري المفعول في العهد الفيصلي، وبقي القضاء المدني والقضاء الشرعي في سورية على ما كان عليه أيام الدولة العثمانية، كما بقيت القوانين القضائية، وأصول المحاكمات على ما كانت عليه أيضا في تلك الأيام.
وفي التاسع عشر من كانون الثاني 1919، أسست الدائرة القضائية التابعة للمفوضية السامية العليا، وكانت برئاسة مستشار قضائي كلف إدارة الدوائر القضائية في المنطقة العربية.
وبموجب قرار بتاريخ 17 حزيران 1919 أحدثت محاكم عليا تقوم بوظيفة محكمة التمييز وهذه المحكمة كانت تتألف من قاعتين: قاعة مدينة وتجارية وجنائية، وقاعة دينية إسلامية.
وقد أبقت سلطات الانتداب على التنظيم المتبع في المحاكم الدينية.
وفي الخامس عشر من أيلول 1922 صدر قرار عن حاكم دولة العلويين برقم 623 وقد غير هذا القرار في تنظيم الدولة السلطات القضائية الدينية العلوية، وحدد لها صلاحياتها والأهلية الإقليمية ودرجات الاستئناف، والوسائط والطرائق والأساليب المتعلقة بالتنفيذ. والمادة /8/ من هذا القرار تمنع شكلياً المحاكم الشرعية الأخرى من الفصل في القضايا التي تقع ضمن اختصاص القضاة العلويين.
كما اعترف المفوض السامي الفرنسي في السابع والعشرين من كانون 192 لطائفة الشيعة بالحق في أن يفصل في قضايا القانون الشخصي من قبل قضاتهم حسب مبادئ طائفتهم[1].
[1] إسماعيل (حكمت علي)، نظام الانتداب الفرنسي على سورية، صـ 197