شهادات ومذكرات
شهادة الشهيد الحي محمد مدور حول مجزرة البرلمان 1945
شهادة الشهيد الحي محمد مدور:
روى الشهيد الحي محمد مدور فيما بعد شهادته التي تقشعر لها الأبدان، ومما قاله في تقريره:
«حوالي الساعة السابعة تماماً من مساء يوم الثلاثاء الواقع في 29 أيار 1945، أنزل الفرنسيون علمهم دون أن نحييه كما كانوا قد طلبوا منا، لذلك فتحوا النار من جميع الجهات، وكنت واقفاً مع ثلاثة من زملائي هم: ياسين البقاعي وأحمد القصار ويحيى اليافي، فما شعرت إلا وهم يسقطون صرعى، فألقيت بنفسي من سدة السلك الدبلوماسي إلى بهو المجلس، وقد كسرت ساقي وزحفت قليلاً حيث شاهدت المفوض سعيد القهوجي ومحمود الجبيلي ومشهور المهايني وإبراهيم الشلاح وهم يطلقون النار على المهاجمين من بنادقهم ويصيحون: «الله أكبر، الله أكبر»، وعندما شاهدوني حاولوا إسعافي، ثم تراجعوا إلى القبو، وبعد لمحة شاهدت العريف عبد الله باش إمام وبيده رشاش كان يطلق منه النار على زمرة من الجنود السنغال لكنهم تغلبوا عليه وطلبوا منه أن يحيي فرنسا والجنرال ديغول، فرفض فقتلوه شر قتلة، ثم مثلوا بجثته. بعدئذ اندفعوا إلى القبو حيث عثروا على المفوض سعيد القهوجي ورفاقه، وبعد أن قتلوهم جميعاً وقطعوهم إرباً إرباً بواسطة السواطير، سلبوا نقودهم وساعاتهم، وأثناء عودتهم مروا بي وأنا ملقى على الأرض مضرجاً بالدماء ،الأمر الذي جعلهم يظنون بأني من الموتى. ثم ساد السكون بعد ذلك وشعرت بأربعة جنود يحملونني ثم يلقون بي بين الجثث في سيارة شحن كبيرة، سارت مدة ثم توقفت، ولا أعلم أين كان ذلك، ثم صعد جندي فرنسي أخذ يركل الجثث واحدة تلو الأخرى، وهو يعدهم، وقد وصل ذلك العدد إلى ثمانية وعشرين جثة، ولما جاء دوري في الركل بدرت مني بادرة حياة، الأمر الذي دعاه إلى إلقائي على الأرض ثم مناداة المشرف على عملية دفن الموتى في حفرة كبيرة، وكان هذا لحسن الحظ من الضباط، فأمر بنقلي إلى المستشفى العسكري الذي كان قريباً من المجلس النيابي، حيث تماثلت بعد مدة للشفاء وعلمت أن ما حصل لي، قد حصل لزميلي إبراهيم الشلاح».
المصدر:
موقع اكتشف سورية