قضايا
انتخاب شكري القوتلي رئيساً عام 1943
انتخاب شكري القوتلي رئيساً عام 1943
توفي الشيخ تاج الدين الحسني رئيس الجمهورية في السابع عشر من كانون الثاني عام 1943م.
اشتد الصراع الفرنسي – البريطاني على سورية بعد وفاة الشيخ تاج، ففرنسا التي كانت حريصة على إبرام معاهدة مع السوريين في حين كانت بريطانيا تدعم موقف الوطنيين السوريين برفض مثل تلك المعاهدات التي من شأنها تعزيز مكانة فرنسا في سورية ولبنان.
في الخامس والعشرين من آذار عام 1943 أصدر الجنرال كاترو قراراً يقضي بإنهاء مهمة وزارة جميل الألشي، وأصدر قراراً ثانياً يقضي بتعيين عطا الأيوبي رئيساً للدولة، ورئيساً للحكومة الانتقالية التي أشرفت على الانتخابات.
سهلت حكومة الأيوبي للهيئات والجماعات والمنظمات الحزبية البدء بحملاتها الانتخابية، وكان التنافس واضحاً بين الكتلة الوطنية من جهة والهيئة الشعبية – جماعة الشهبندر من جهة أخرى، باللإضافة إلى المستقلين وزعماء العشائر(1).
نشاط الكتلة الوطنية:
بدأ شكري القوتلي نشاطه لضمان فوز الكتلة الوطنية بأغلبية مقاعد مجلس النواب، وزار القوتلي ويرافقه فارس الخوري الرئيس هاشم الأتاسي في حمص في التاسع من أيار، وجرى التفاهم على ترشيخ شكري القوتلي لمنصب رئاسة الجمهورية(2).
وحول هذا اللقاء يذكر أكرم الحوراني في مذكراته أن القوتلي توجه في التاسع من أيار عام 1943م إلى حمص “لرد التحية للرئيس هاشم الأتاسي الذي اعتذر للجنرال كاترو عن قيادة العهد من جهة، وللتودد للأتاسي ليكون عوناً له على جمع صفوف الكتلة الممزقة من جهة أخرى، فتمت زيارته لحمص بجو طبيعي لم تشارك فيه الجماهير الشعبية بأي استقبال أو احتفال”(3).
ثم زار حلب وعقد اجتماعات مطولة مع رشدي الكيخيا وأحمد قنبر، ناظم القدسي، ورشاد برمدا ولكن لم يستطع الحصول على موافقتهم ودعمهم لترشيحه.
سعى القوتلي وقادة الكتلة الوطنية لوضع قائمتهم الانتخابية التي ضمت في معظمها أعضاء الكتلة الوطنية في مختلف المحافظات، وأجرى اتصالات مع منافسيه من أعضاء الهيئة الشعبية وعصبة العمل القومي ورجال العشائر وزعماء الأحياء ودعا خلالها إلى الاتفاق على قائمة موحدة.
الحملات الانتخابية:
ازدادت الحملات الانتخابية بعد تعيين يوم السابع من تموز 1943 موعداً لبدء الانتخابات في مرحلتها الأولى- الناخب الثانوي، ويوم السابع من آب للمرحلة الثانية من الانتخابات.
شهدت البلاد مئات الصور للمرشحين، ونشرت صور المرشحين في الصحف وعلى جدران الشوارع كما نشرت عشرات البرامج الانتخابية والقصائد الشعرية.
الانتخابات:
وفي السادس والعشرين من تموز جرت المرحلة الثانية وأعلنت وزارة الداخلية النتائج النهائية لهذه الانتخابات في يوم السابع من آب عام 1943م، والتي كانت نتيجتها حصول قوائم الكتلة الوطنية على أغلبية مقاعد مجلس النواب وعددهم 112 نائباً.
جدد عطا الأيوبي يوم السابع من آب عام 1943 موعداً لافتتاح مجلس النواب ولانتخاب رئيس مكتب المجلس وانتخاب رئيس الجمهورية.
في السابع عشر من آب عقد مجلس النواب إجتماعه بحضور المسيو هيلو المندوب الفرنسي في سورية، والجنرال سبيرز الوزير المقوض البريطاني، والمستر ورورث الوزير المفوض الأميركي وممثلي الأقطار العربية، وانتخب القوتلي رئيساً للجمهورية(4).
كلمة القوتلي عند توليه الرئاسة عام 1943:
بعد انتخاب شكري القوتلي رئيساً في مجلس النواب اعتلى منصة مجلس النواب وألقى كلمة شكر فيها النواب على دعوتهم له لتسلم مقاليد البلاد في أيام وصفها بأنه تمر بها أحداث خطيرة تملأ صحائف التاريخ.
ودعا في كلمته إلى الدفاع عن الواجبات والحقوق في وقت تشابكت فيه “مصالح الشعوب ومنافعها، وامتزجت غاياتها ومقاصدها اقتربت ساعة العالم الجديد الذي تؤسس فيه قواعد الحياة على قواعد جديدة”.
وأشار إلى الوعود الصريحة التي تتعلق بمصير السوريين، “ولاسيما ممثلوا فرنسا الحرة، وفي مقدمتهم الجنرال ديغول، ومن قبل ومن بعد رجال الدولة البريطانية من استقلالها التام وسيادتها الكاملة، وذلك ايضاً متفق مع المبادئ التي تدعو إليها جمهورية الولايات المتحدة”.
وحيا في كلمته مختلف الأقطار الشقيقة التي نشاطرها جميع آمالها، والتي تربطنا بها وشائج الأرحام وذكريات التاريخ وحقائق الحياة.
وبعث بتحية إخلاص وفاء إلى الرئيس هاشم الأتاسي “الذي كان يمثل في سدة الرئاسة شرف هذه البلاد وكرامتها والمحافظة على حقوقها والذي أجمعت القلوب المختلفة على محبيه وتقدير مزاياه العظيمة ولا يزال قريباً منا في آرائه ونصائحه التي أمنتها التجارب وهذبتها الحوادث” (5).
(1) من أوراق جميل مردم بك.. انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية
(2) مرويات يوسف الحكيم حول زيارة القوتلي لـ هاشم الأتاسي قبيل ترشحه للرئاسة 1943
(3) من مذكرات أكرم الحوراني – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
(4) صحيفة الدفاع – يافا العدد 2524 الصادر في يوم الأربعاء الثامن والعشرين من آب عام 1943م.
(5) الحكيم (يوسف)، سورية والانتداب الفرنسي، دار النهار، الطبعة الثانية، بيروت عام 1991م، صـ 331.
كلمة شكري القوتلي بمناسبة انتخابه رئيساً عام 1943م
انظر:
خطاب شكري القوتلي بمناسبة انتخابه رئيساً عام 1943م
صحيفة 1943- انتخاب القوتلي رئيساً بأغلبية 121 من أصل 124 صوتاً
الاحتفال بانتخاب شكري القوتلي رئيساً في خان أسعد باشا عام 1943
من أوراق جميل مردم بك.. انتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية
من مذكرات أكرم الحوراني – افتتاح البرلمان وانتخاب القوتلي رئيساً عام 1943