مختارات من الكتب
نيقولاس فان دام : القسمة الثنائية بين السنيين والأقليات في سورية منذ عام 1963
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995.
الفصل العاشر – استنتاجات
2- القسمة الثنائية بين السنيين والأقليات، بين المدن والريف، وبين الطبقات العليا والدنيا منذ عام 1963
عندما تولت مجموعة من البعثيين ذات أصل ريفي وتابعة للطبعة المتوسطة الدنيا أو الفقيرة ومنتمية إلى أقليات دينية الحكم في 1963، أدى ذلك إلى ثورة إجتماعية: لقد مرت الأقليات الريفية التي كانت تعاني من التفرقة من قبل، والتي كانت تنتمي إلى أكثر القطاعات تخلفاً في المجتمع السوري، بعملية مفاجئة من التحرر الوطني، فأنقلبت العلاقات التقليدية رأساً على عقب تقريباً: فبدأ أهل الريف وأعضاء الأقليات الدينية يسيطرون على السنيين المنتشرين في أرجاء المدن الكبيرة ويتسلقون بطريقة سريعة نسبياً درجات المجتمع الإجتماعية والسياسية. وما أن وصلوا للسلطة حتى بدأ العلويون والدروز وغيرهم من الأقليات الريفية الذين كانوا يعانون من التفرقة محاباة أفراد طوائفهم والتمييز ضد هؤلاء الذين ظلموهم فيما قبل.
وقد أدى ذلك إلى حد ما إلى تسوية بين طبقات المجتمع الفقيرة والأغنى نسبياً، وبين المواطنين الريفيين والمدنيين، وبين الأقليات الدينية والسنيين. وقد امتعض السنيون الحضريون بالذات من سيطرة أشخاص من أصل ريفي فلاحي عليهم، بغض النظر عن انتماء هؤلاء الحكام إلى أقليات دينية أو كونهم سنيين مثلهم. إن تطابق التسلط الريفي وسيطرة الأقليات إنما ازداد من امتعاض السنيين المدنيين.
ومن جهة أخرى، فإن التسلط الريفي لم يؤثر بطريقة سلبية جوهرية على المدن من حيث تقدمها الإجتماعي والإقتصادي، فقد حظي أهل المدن في 1963 بمراكز طيبة نسبياً، كما أخذت المدن منذ عام 1963 في التطور بشكل ملحوظ. واستقر العديد من أهل الريف في المدن الكبرى ليصبحوا من أهل الحضر. ولم يكن هذا يعني بالضرورة أن هذه الأجيال الحضرية الجديدة كانت مقبولة إجتماعياً من قبل أهل المدن الأصليين، أو أنهم إندمجوا تماماً معهم، بل يصح الجدال أن بعض القطاعات بالمدن الكبرى أصبحت في بادئ الأمر ريفية إلى حد ما بسبب التدفق الكبير من أهل الريف.
إن الإنقسامات الطائفية القائمة أساساً بين أهل المدينة وأهل الريف استمرت إلى حد ما بعد مدننة أهل الريف في المدينة القائمة أساساً بين أهل المدينة وأهل الريف استمرت إلى حد ما بعد “مدننة” أهل الريف في المدينة.
وخلال أكثر من ثلاثين عاماً من الحكم البعثي – وهي فترة امتدت عبر أكثر من جيل بأكمله – تطورت قطاعات من طوائف الأقليات الريفية الأقل نمواً بالتدريج لتصبح أكثر تعلماً وتقدماً وأقل فقراً وأيسر حالاً.
لقد اغتنم العلويون بوجه عام وبحماس الفرص الجديدة التي وفرها نظام البعث في كل من مجالات التعليم والتوظيف والإقتصاد وتحرير المرأة .. الخ. وقد أدى ذلك إلى تحسين نوعي ملموس وواسع داخل المجتمع العلوي. إن التقدم الإجتماعي والسياسي داخل قطاعات عريضة من الطائفة العلوية لم يكن يعني تمييزاً ضد الطوائف الريفية الأخرى من الأقليات، فيما يتعلق بالفرص الإجتماعية والإقتصادية، بل بالعكس، فقد جنت الأقليات الأخرى وأهل الريف بشكل عام وثمار حكم البعث الذي يسيطر عليه العلويون، وإن كان أحياناً بدرجة أقل من العلويين أنفسهم.
ونتيجة للتطورات الواردة بعاليه، أصبح الإنقسام بين أهل الريف وأهل المدن وبين الأقليات والسنيين، والذي كان جلياً في السنوات الأولى منذ عام 1963، أقل وضوحاً شيئاً فشيئاً، كما أصبحت العلاقات بين الطوائف والطبقات أكثر تعقيداً(1).
(1) للإطلاع على تفاصيل التوثيق وتوضيح بعض الأحداث أعلاه راجع:
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995، صـ 193 – 196
اقرأ:
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الأول .. المقدمة :
1- العوامل التي ساهمت في الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سورية
2- الإقليمية في سوريا خلال فترة الاستقلال
3- الأقليات الدينية المتماسكة .. العلويون
4- الأقليات الدينية المتماسكة .. الدروز والإسماعيليون
الفصل الثاني: ظهور الإقليات في القوات المسلحة السورية وحزب البعث
1- التداخل الطائفي والإقليمي والعشائري والإجتماعي الإقتصادي
2- التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في حزب البعث
3- الحواجز الإجتماعية التقليدية أمام التوسع الطبيعي لحزب البعث
4- الشقاق الحزبي الإنصرافي داخل جهاز حزب البعث المدني
5- انتخابات حزب البعث المحلية عام 1965
6- أعضاء الأقليات في القوات المسلحة السورية قبل عام 1963
7- الاحتكار البعثي للسلطة في سورية 1963
الفصل الثالث: الإستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية بين السنيين والإقليات الدينية
1- التكتل الطائفي والإقليمي والعشائري في النخبة العسكرية البعثية
2- التمييز الطائفي ضد السنيين في القوات المسلحة السورية
3- فشل سياسة الطائفية العلنية كتكتيك.. إبعاد محمد عمران
4- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1965
5- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1966
6- التنظيم السري للقيادة القومية المخلوعة عام 1966
الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية
2- الاستقطاب الطائفي العلوي – الدرزي وإنقلاب سليم حاطوم
3- الدعاية الطائفية ضد العلويين
4- التصفيات اللاحقة لإنقلاب حاطوم الفاشل
5- تصفية الجماعات الحورانية البارزة
الفصل الخامس – الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية
1- التنافس بين حافظ الأسد وصلاح جديد
2- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية قبل عام 1970
3- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية بعد عام 1970
الفصل السادس – الشقاق الحزبي الطائفي والإقليمي في نخبة السياسيين السوريين: تحليل إحصائي
1- تحليل إحصائي لمؤسسات السلطة السياسية السورية 1961- 1995
2- ثورة تاريخية في النخبة السياسية السورية 1963
3- الوزارات السورية والقيادة القطرية
4- العسكريون في القيادات القطرية السورية
الفصل السابع – التحريض الطائفي والمواجهة
1- التحريض الطائفي – مذبحة حلب
2- الدعاية الإعلامية المضادة للطائفة العلوية 1979
3 – تهديدات الحرب الأهلية الطائفية في سورية 1979 – 1980
4- الطائفية والفساد وغياب الانضباط الحزبي 1979- 1980
5 –الفشل البنيوي في كبح الطائفية في سورية 1979 – 1980
الفصل الثامن – المواجهة الطائفية – القضاء على الإخوان المسلمين
1 –تسليح البعثيين ومذبحة تدمر عام 1980
3- الدعاية الدينية السنية ضد العلويين
الفصل التاسع – نخبة السلطة في عهد الرئيس حافظ الأسد
1- الأخوة الأسد
2- نخبة السلطة العسكرية البعثية
3-جهاز حزب البعث المدني.. تحليل إحصائي ..
4- مسألة الخلافة.. أبناء الأسد
الفصل العاشر – استنتاجات
1- الطائفية في سورية والعوامل الإجتماعية الإقتصادية والإيديولوجية