ملفات
مشروع روجرز
في منتصف عام 1969 كانت حرب الاستنزاف على جبهة قناة السويس بين مصر و(إسرائيل) تجري على أشدها (رَ: الاستنزاف المصرية – الإسرائيلية، حرب). كما كانت حركة المقاومة الفلسطينية تتصاعد بسرعة ويشتد ساعدها سواء من حيث فاعليتها ضد العدو الإسرائيلي أو من حيث امتدادها الجماهيري العربي. ونتيجة لتخوف الولايات المتحدة الأمريكية على مصالحها تحركت دبلوماسيتها، ولا سيما بعد أن أخذت حرب الاستنزاف بعداً جديداً حين بدأت (إسرائيل) تضرب أعماق مصر بطائراتها دون أن يتمكن الجانب العربي من الرد بالأسلوب ذاته.
جاء تحرك الدبلوماسية الأمريكية بعد نداء الرئيس جمال عبد الناصر* في الخطاب الذي ألقاه في 1/5/1970 بمناسبة عيد العمال وقال فيه: “أتوجه من هنا بالنداء إلى الرئيس ريتشارد نكسون … أريد أن أقول إن كانت الولايات المتحدة تريد السلام فعليها أن تأمر إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة…”. ولعل من أبرز العوامل التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى التحرك.
1) توطد العلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية بين مصر والاتحاد السوفييتي، ولا سيما في مطلع عام 1970 بعد الزيارة السرية التي قام بها الرئيس عبد الناصر إلى موسكو. وقد خشيت الولايات المتحدة من زيادة توطد هذه العلاقات في غياب حل سلمي لمشكلة الشرق الأوسط.
2) تورط الولايات المتحدة في قتالها في فيتنام واتساع رقعة الحرب ورغبتها في عدم فتح جبهة أخرى أو الانشغال في شرون حرب محلية في الشرق الأوسط لا تستطيع إلا التدخل فيها بشكل من الأشكال حفاظاً على أمن الكيان الصهيوني.
عرضت الإدارة الأمريكية مشروعها لتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 في رسائل بعث فيها وزير الخارجية الأمريكية وليم روجرز إلى وزراء خارجية كل من مصر والأردن و(إسرائيل).
أعلن الوزير الأمريكي – الذي اقترن المشروع باسمه وعرف بمبادرة روجرز – يوم 25/6/1970 أن حكومته أطلقت مبادرة سياسية جديدة في الشرق الأوسط هدفها تشجيع الدول العربية (وإسرائيل) على وقف إطلاق النار والبدء بمباحثات تحت إشراف الدكتور غونار يارنغ الممثل الشخصي الأمين العام للأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 242.
تضمنت مبادرة روجرز الخطوط الرئيسة الآتية:
1) دعوة الفرقاء (مصر والأردن وإسرائيل) إلى العمل تحت إشراف يارينغ لإيجاد الخطوات التفصيلية اللازمة لتنفيذ القرار 242.
2) العودة إلى وقف إطلاق النار لمدة محددة تبدأ: على أقل تعديل، من 1/7 حتى 1/10/1970.
3) إعلان الفرقاء استعدادهم لتنفيذ القرار 242 بكل أجزائه وموافقتهم على تعيين ممثلين إلى مباحثات تعقد تحت إشراف يارينغ في المكان والزمان الذين يحددهما.
4) الغاية من هذه المباحثات التوصل إلى اتفاق على إقامة سلام عادل ودائم بين الفرقاء قائم على أساس:
(1) اعتراف متبادل بين كل من مصر والأردن من جهة، و(إسرائيل) من جهة أخرى، بسيادة كل من الأطراف الثلاثة وسلامة كيانه الإقليمي واستقلاله السياسي.
(2) انسحاب (إسرائيل) من أراض احتلت في عام 1961 عملاً بما جاء في قرار مجلس الأمن 242.
وافقت مصر على المبادرة في الثالث والعشرين من تموز عام 1970م، كما وافقت الأردن عليها في الثالث والعشرين منه، وإسرائيل في السادس من آب عام 1970.
أكدت واشنطن يوم السابع من آب عام 1970م، علمها بموافقة الأطراف الثلاثة على مبادرة روجرز ووقف إطلاق النار لمدة 90 يوماً.
