You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

رسالة عبد الرحمن الشهبندر من سجنه إلى فارس الخوري

زار المستر كرين رئيس لجنة الاستفتاء الأمريكية سورية التي وقعت تحت الانتداب الفرنسي في الرابع من نيسان عام 1922م. وكان اسم كرين قد ذاع في البلاد على أنه رمز للحرية ولحق الشعوب في تقرير المصير فاستقبله الوطنيون المتحمسون بالحفاوة وأقاموا له حفلة كبرى تحولت إلى شبه مهرجان خطابي وأعلن الناس مطالبهم في الاستقلال والحرية ونعتوا أنصار الانتداب بالخونة. ولم ترق للفرنسيين هذه المجاهرة بحب الاستقلال ولا سيما تزامن ذلك مع زيارة كرين الذي بات يرعى مصالح إحدى الشركات الأميركية النفطية في المنطقة. فقبضت قوات الانتداب الفرنسي على الدكتور عبد الرحمن الشهبندر مستضيف المستر كرين وعلى غيره من الوطنيين. بتهمة الشروع لقلب الحكومة في دمشق وتحريض الشعب بواسطة خطب ألقيت في المحال العامة وبواسطة منشورات تحريضية على قوات الانتداب الفرنسي. وابتدأت المحاكمات وعينت السلطة للمتهمين محامين فرنسيين للدفاع عنهم لكن المتهمين أصروا على تعيين محامين عرب بدلاً من الفرنسيين وكان من المحامين العرب السيد فارس الخوري. وفيما يلي رسالة من الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الذي سجنه الفرنسيون في قلعة أرواد إلى فارس الخوري.

أخي الأعز فارس بك لا عدمتك:
أهديك أذكر سلامي وأوفر تحياتي وأود أن أكون على اتصال بأخبار الوطن المقدس لأقدم لك شكري على ما أعلم أنك تقوم به من الخدم الجلى حتماً ولاسيما في مثل هذا الأيام التي اشتدت فيها الأزمات على أنواعها وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية التي لا يعلم أحد عواقبها وإلى أين تنتهي بهذه الأمة المستضعفة.
وإذا كانت وفرة الاتصالات ووسائل الإنتاج عنوان الحياة في الأمم فلا حاجة بي أن أذكرك بحال أمة كالأمة السورية استوردت في الشهر الماضي مئتي ألف طن من البضائع المتنوعة الأثمان في مقابل ثمانية عشر ألف طن من المواد دينار ذهباً لم يدخل إلى الصندوق السوري دينار واحد يقابلها. ومع هذا التراجع المخيف فلا أزال أقرأ في الرسائل التي تأتيني أن الضرائب تكاد تكون كما تركتها يوم دخلت السجن!!! إن قراءة مثل هذه الأخبار تهيب بي إلى الاعتقاد أنني ربما كنت سعيداً في اعتقالي فلا عين ترى وقلا قلب يحزن وربما كان الطليقون –لا الأحرار- أقرب إلى الشقاء مني لأنهم يشاهدون الأمور عن كثب.
بعض سجناء دمشق السياسيين كتبوا لي مرات أن أكتب لك بشأنهم لعلك تجد واسطة لنقلهم إلى أرواد لأن بقائهم مع الأشقياء وقطاع الطرق وقتلة النفوس الزكية أمر لا أذكر أنني سمعت نظيره في هذه المدينة التي تمن علينا بها أوربا. وقد رأيت من الحكمة ألا أتربص بومئذ ولكنني لا أرى اليوم مانعاً أن أذكرك بهم وأستعطفك عليهم لأن نفوسهم ضاقت ذرعاً وأصبحوا يخشون على صحتهم الجسدية والروحية من الانحلال في ذاك المحيط الفاسد ويأتي في المقدمة السيد عبد القادر القواص وسعيد أفندي حموده.
الأخوان هنا كلهم بخير يهدونك أنت والأخ فائز بك وسائر الأصدقاء أزكى سلامهم ودمت لأخيك القديم ومحبك الثابت على الولاء.
عبدالرحمن الشهبندر
قلعة جزيرة أرواد في 2 آذار 1923م. 

المصدر:
أوراق فارس الخوري، الكتاب الثاني 1918-1924 العهد الفيصلي وبداية الانتداب، منشورات دار طلاس، الطبعة الثانية 2001، ص199.

 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى