You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة الأمير فيصل بن الحسين في النادي العربي

 وفي الثالث من آذار عام 1920م، انعقد اجتماع المؤتمر السوري بصورة رسمية في النادي العربي، وتلا السيد عوني عبد الهادي كاتب الأمير فيصل الخاص، الخطاب الافتتاح التالي:
    (( أيها السادة:
    في الوقت الذي قرب فيه حل المسألة التركية حلاً نهائياً في مؤتمر الصلح رأيت أن أدعوكم مرةً أخرى لتقرير مصير البلاد حسب رغائب الأهالي، الذين رأوا فيكم الكفاءة للنيابة عنهم في مثل هذا الوقت العصيب، فقد وعد المؤتمر السلم أن ينظر في رغبة الشعوب، بل حتّم على نفسه أن يقرر مستقبل كلّ أمة بإرادتها ورغائبها تحقيقاً للمبادئ السامية التي خاض لأجلها الحلفاء غمار الحرب الكبرى.
فالرئيس ولسون ذكر في خطابه في مورن فرنون يوم 24 تموز سنة 1918 المادة الآتية: (( كل مسألة سياسية كانت أم اقتصاديةً أم دوليةً، يجب أن تحسم على كل قاعدة الأساسات المستندة إلى حرية قبول الشعب ذي العلاقة رأساً بتلك المسألة، لا على قواعد النفعية المادية، أو المصالح التي يطلبها شعب أو أمة أخرى لأجل تأمين نفوذها الخارجي أو سياستها)).
    وقد ذكر جميع رؤساء الحكومات المتحالفة أقوالاً لا تقل في معاني استقلال الشعوب عن أقوال الرئيس ولسون في هذا الصدد، وقد نشرت حليفتانا إنكلترة وفرانسة منشوراً في 8 تشرين الثاني 1918 أكدتا لنا فيه استقلال بلاد العرب المنشود.
    أيها السادة!
    لما كانت هذه الحرب حرب حرية واستقلال، حرباً جاهدت فيها الأمم ذبّاً عن كيانها السياسي، دخل فيها صاحب الجلالة والدي المعظم في صفوف الحلفاء، بعد أن استوثق من العرب في الجزيرة وفي سورية والعراق. فقاتلوا قتالاً شهد لهم فيه أعاظم رجال أوربة السياسيين والعسكريين، وأثنوا على شجاعتهم وبسالتهم غاية الثناء. ولا بدّ أن يحفظ التاريخ أعمالهم الجليلة إبّان الحرب، التي استمات فيها الحجازيّ والسوريّ والعراقيّ، وإني لواثق بأنّ الأمة العربية ستنال من المغنم ما ناله غيرها من حلفائها، الذين نالوا الظفر على الأعداء.
    إن هذا الظفر لم يكن عسكرياً فقط، بل هو سياسي قبل كل شيء، لأنه انتصار الحق على القوة، والحرية على الاستبعاد. فقد انتشرت اليوم فكرة الاستقلال بين الشعوب، وانتقشت على أفئدتها، فلن تزول بعد الآن.
    استحق العرب حريتهم واستقلالهم  بفضل الدم الطاهر الذي سفكوه، وبفضل ما قاسوه من أنواع العذاب والقهر.
    فالأمة العربية لا تقبل بعد اليوم أن تستبعد، كما أني أعتقد أنه ليس هنالك أمة تريد استبعادنا، فرحلاتي الرسمية العديدة إلى أوربة، والأحاديث والكتابات التي جرت بيني وبين ساستها، لم تبق في نفسي مجالاً للشبهة والتردد في نيات حكوماتها الحرة.
    أيها السادة:
    إننا لا نطلب من أوربة أن تمنحنا ما ليس لنا به حق، بل نطلب منها أن تصدق على حقنا الصريح، الذي اعترفت لنا به كأمة حية، تريد حياةً حرةً، واستقلالاً تاماً، ونودّ أن نعيش مع سائر الأمم المحترمة على غاية من الولاء والمحبة الخالصة.
    فسياستنا في المستقبل ستكون سياسة صلح وسلم، مبنيةً على الثقة المتقابلة، والمنافع المتبادلة، بكلمة واحدة، سياسة تتفق مع مصالح الأمة، ومنفعة السلم العام، فالعرب لا يستنكفون عن تبادل المنافع بينهم وبين الأمم المتحدة، ولا يرفضون صداقة من يريد صداقتهم، شريطة أن لا يمس ذلك بكرامتهم، ولا يخلّ باستقلالهم السياسي التام.
 أيها السادة:
    إن وظيفتكم اليوم خطرة، ومهمتكم كبيرة، فأوربة تنظر إلينا عن كثب، وستحكم لنا أو علينا بالنسبة للخطة السياسية التي سنسير عليها، والأعمال التي ستقوم بها في المستقبل. فدولتنا الجديدة التي قام أساسها على وطنية أبنائها الكرام هي بحاجة اليوم إلى تقرير شكلها أولاً، ووضع دستورٍ لها، يعيّن لكلّ من آمرنا ومأمورنا حقوقه ووظائفه في حياتنا المستقلة، التي أرجو أن يكون ملؤها الجدّ والعمل والإقدام.
    وقبل أن أختم كلامي في هذه الجلسة الخالدة أريد أن أذكركم بإخوانكم العراقيين، الذين جاهدوا معكم، وأبلوا بلاءً حسناً في سبيل الوطن، وبالواجب الذي يتحتم علينا في التضامن والتعاضد لنحيا حياةً سعيدة، وأقرئكم السلام العربي الخالص، وتمنياً لكم التوفيق والنجاح في مساعيكم الوطنية والسلام عليكم)).

 3 آذار 1920م.
                                                                                             الأمير فيصل بن الحسين
المصدر :فاجعة ميسلون، محي الدين الفرجلاني، صـ160


 

للإطلاع على تسلسل أحداث التاريخ السوري المعاصر  بحسب الأيام

انظر أيضاً – أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات

سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى