You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة جورج بيكو في حفل النادي العربي في حلب عام 1919

 أقام نادي العرب حفلة إكراماً للمسيو جورج بيكو، ممثل حكومة فرنسا في سورية، وضيف حلب الشهباء ، حضرها سيادة الشريف ناصر، ودولة الحاكم العسكري العام رضا الركابي، ورجال الحكومة العربية وكثير من ممثلي دول الحلفاء، وجم من العلماء والأدباء والرؤساء الروحيين والأعيان.
    ابتدأ بالكلام رئيس النادي، مرحباً بالقوم، وتلاه أحمد أفندي الأوبري، وألقى خطاباً بديعاً، ثم خطب بالفرنسية يوسف أفندي سركيس، ونهض بعده مسيو جورج بيكو، وألقى خطاباً بالفرنسية عربه أمين أفندي غريب، هذا نصه:
حضرة الحاكم العام، وأيها السادة:
    كم أنا ممتن، لأنكم سمحتم لي اليوم بأن آتي وأحمل سلام فرانسة الظافرة، إلى ممثلي الحكومة العربية العظيمة، إذ ليس لنا بهجة في هذا الظفر، أعظم من رؤية مثل هذا المحفل، فهو بداية عمل كريم، نتج عن الحرب، وهو انتهاء الاستبداد التركي، وتقرير الحرية، لشعب عظيم يديره رجال عظام.
    كل يعلم ما هي الأسباب التي جعلت هذه الحرب، خاصة بفرانسة، إذ قد كان منذ سبع وأربعين سنة، في جنبنا جرح غير مندمل، وكان لابد لنا من الانتقام، ولكن كنا نجتنب الحروب، لشدة هولها على الإنسانية، فلما جاء اليوم الذي تجمعت به القوى البربرية في العالم، اضطرنا إلى محالفة قوى التمدن، إبقاء عليه من الشر المحدق به، فانضمت إلينا إنكلترا، ثم العرب، ثم إيطاليا، ثم أميركا، وبغية كل منهم الوصول إلى يوم، يأمن فيه كل شعب، على حريته واستقلاله.
    لاشئ يرضي فرنسة، ويسرها كرؤيتها حكومة، نشأت بالأمس وأخذت تتقدم وترتقي، يوماً بعد يوم في هذه الأماكن المحررة من الاستعباد، وغدا مع تمام الصلح، لابد أن يزول الحكم العسكري، الذي ترونه اليوم مع مناطقه الحاضرة، التي اقتضتها ضرورات الحرب، فيطل عليكم نور يوم جديد وعظيم، فليوحد العرب جميعاً كلمتهم ومساعيهم، من حلب حتى أقاصي الصحراء، ولينبذوا كل شقاق، مهما اختلفت عقائدهم أو عاداتهم، ليبذلوا ما بوسعهم من الاقدام أمام هذه الغاية المنشودة.
    حاربت فرانسة أربع سنوات، توصلاً للنتيجة التي تراها الآن، ولها الطالع الأسعد، بأن ترى الحكومة العربية شديدة الأزر، محترمة من الجميع، وتحل بالاتفاق المتبادل جميع المسائل التي يشكلها عمران سورية، وحرية اتصالها بالبحر، لأن اتصالها بالبحر ضروري، ولابد لها منه، ولكن يجب عليكم يا رجال سورية ومستقبلها البراق، أن توحدوا كلمتكم، لتبلغوا هذا النجاح، إذ أنكم  محاطون بالأعداء الذين رأيتهم أنا، والسير مارك سايكس، حتى في لندن وباريس، حيث كنا نجهر بحقوقكم أمام أوربة، فكانوا يتذرعون لاحباط مساعينا، متلبسين بزي الأصدقاء، فما آبوا إلا بالفشل، إذ صممت الحليفتان على الاعتراف بحكومة عربية كبيرة مستقلة.
    ونهض بعده السير مارك سايكس، فقال ما تعريب مؤداه:
أيها السادة الكرام، والمسيو جورج بيكو المحترم:
    أتكلم اليوم وأنا مرتاح الضمير، إذ حزت الانتخابات في مجلس الأمة، فأصبحت قادراً على إتمام العمل الذي زاولته من أجلكم.
    طرق مسامعكم الآن، ماقاله المسيو جورج بيكو، وأزيده تأكيداً، أنه قل أن يشتغل إنسان كما اشتغل هو، في معاونة المبدأ العربي، وقد ظهرت نتائجه جلية.
    تذكرون ما هي الأيام السوداء، التي اضطررنا لاجتاز مراحلها، فإن الأيام السعيدة التي نحن بها الآن، لا تنسينا مكاره تلك الأيام، ومتاعبها التي كان يشاطرني مضضها المسيو بيكو الذي لم يقنط قط من نجاح المبدأ العربي، رغم ما كنا نلاقيه من العراقيل الجمة وما أشد هولها من عراقيل، لأن العدو إذ ذاك ألمانيا وجيشها الجرار الذي هو أكثر جيوش العالم انتظاماً.
    كانت بريطانيا سيدة البحار، وما كان يخطر على بالها، ما كانت تدبره لها عدوتها ألمانيا من المكايد البحرية، ألا وهي الغواصات، التي كنا في ريب من أن نستطيع إنشاء بواخر بقدر ما كانت تخرب.
    إن العدو الذي كنا نصامده، هو ذاك القوي القادر، ذو العظمة و الجبروت ( ألمانيا)، فمن ذا الذي يستطيع أن يقول، سواء أكان إنكليزياً، أو عربياً، أو فرنسياً، أو إيطالياً، أو أميركياً، أنا الذي أنزلت ألمانيا من حالق عظمتها، وضربت خنزوانة (1) كبريائها.
    لا يستطيع أحد أن يدعي هذه الدعوى، وأنه لم يقهرها إلا الله وحده، إن القدرة الإلهية التي منحتنا هبة النصر تأمرنا بالمحافظة عليها والانتباه، كيف يقتضي أن نستفيد منها، لأننا إذ أسأنا استعمالها، فهي تستردها منا.

الثلاثاء 21 كانون الثاني 1919م.

———————-

(1): خنزوانة: بضم الخاء، العجب والكبر.


 

للإطلاع على تسلسل أحداث التاريخ السوري المعاصر  بحسب الأيام

انظر أيضاً – أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات

سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

المصدر
جريدة المقتبس- العدد 2765



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى